محتويات
السنّة
فرض الله عزَّ وجلّ على جميع المسلمين والمسلمات البالغين العاقلين أداء الصّلوات الخمس بشكلٍ يوميّ، وجعلها واجبةً في أوقاتها المُحدّدة، وهي تختلف في عدد ركعاتها من صلاةٍ لأخرى، وتُعتبر صلاة الفجر أقلّها عدداً وأكثرها أهميّةً؛ فهي ركعتان فقط، لكنّها تحتلّ المَكانة الأكبر بين الصّلوات الأخرى لما فيها من مشقّةٍ، وتأتي في وقت رقود المُسلم أثناء اللّيل، فيضطر لقطع نومه وأداء ما فُرِض عليه ابتغاءً لرضا الله عزَّ وجلّ وطلباً لمغفرته ورحمته، لذا كانت الحدّ الفاصل بين المُؤمن والمنافق. تُعتَبر سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيداً، فقد كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يُداوم عليها في السّفر والحَضَر.
السُّنة في اللغة والاصطلاح
السُّنَّة لغةً: هي المَنهَجُ والطّريقة، ولا فرق في ذلك بينما إن كانتَ تلك الطّريقة محمودةً أم مذمومةً، أمّا في اصطلاح عُلماء الحديث فتُطلق السنَّةُ على ما فعلَهُ النبيُّ - عليه الصّلاة والسّلام - ولم يدلّ على وجوبهِ دليل.[١]
عرّف المُحدّثون السنّة بأنّها: (ما نُقِل عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- من أقوال وأفعال وتقريرات، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية، سواء أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها)، وعرّفها الفقهاء (معناها الفقهي الذي يخصّ الأجر والعقاب) بأنّها: (ما طُلِب من المُكلَّف فِعلُه طلباً غير جازم، وقيل: ما يُثاب فاعله ولا يُعاقب تاركه، وبمعناه: ما كان في فعله ثواب، وليس في تركه عقاب).[٢]
عدد ركعات سنّة الفجر
سنة الفجر ركعتان خفيفتان تؤديان بعد أذان الفجر وقبل إقامة صلاة الفجر،[٣] فعن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة) وتُعتبر سنة الفجر من آكد السنن الرواتب وأفضلها فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)،[٤] وكذلك جاء في الحديثِ النبوي الشّريف: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ)[٥]وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لايدعهما في الحضر ولا في السفر، وقد تميزت سنة الفجر أيضاً في الثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وما فيها، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )[٦]
السّنن الرّواتب
تُقسم الصّلوات المسنونة إلى عدة أقسام: فمنها السّنن الرّواتب، والسّنن المُؤكّدة وغير ذلك. وتُعتبر سنّة الفجر من السّنن الرّاتبة، فلذلك وجب ذكر السّنن الرّواتب. سُميت هذه السّنن بهذا الاسم لأنّ الأصل المُداومة عليها، وهي السّنن التّابعة لغيرها، أو على ما له وقتٌ مُعيّن، كصلاتَي العيدين، وصلاة الضّحى، وصلاة التّراويح، وتُطلق أيضاً على السّنن التّابعة بالفرائض الخمس والتي تُقسم إلى قبليّة وبعديّة؛ ولا يُشرع أداء سنن الصّلوات وحدها دون الفرائض التي شُرعَت معها. تُقسم السّنن الرّاتبة إلى قسمين:
وقيل: عدد السّنن الرّاتبة ثمان ركعات دون الوتر، وهي: ركعتان قبل صلاة الفجر، وركعتان قبل صلاة الظّهر، وركعتان بعد صلاة الظّهر، وركعتان بعد صلاة المغرب، والوتر ثلاث ركعات فيصبح عددها إحدى عشرة ركعةً، وقيل أيضاً أقلّها عشر ركعات سوى الوتر؛ فزادوا عليها ركعتين بعد صلاة العشاء، وأكثرها ثماني عشرة ركعةً فزاد على ما ذُكر ركعتين قبل صلاة الظّهر وركعتين بعدها، وأربعاً قبل صلاة العصر.[٨]
والدليلُ على ما ذُكر من عدد ركعات السّنن الرّواتب قول السّيدةُ عائشة -رضي الله عنها- : (كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَبْل الظُّهْرِ أَرْبَعاً، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُل فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْخُل فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ وَيَدْخُل بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)،[٩] وقولها كذلك: (مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْرِ).[١٠] يرى المالكيّة عدمِ تعيينِ عدد ركعاتٍ لِلسُّنَن الرّاتبة حتّى لا تشتَبِهَ مع الفرائض، فيكتفي المرءُ بركعتينِ في كلِّ وقتٍ لتحصيلِ السُّنّة، والأفضلُ أربع ركعات إلا المغرب، فالأفضلُ فيها عندهم ستّ ركعات،[١] وتفصيل عدد ركعات كلِّ السنن لكل فريضةٍ من الفرائض الخمس بناءً على ما سلف على النّحو الآتي:[١]
المراجع